مقالات واراء

الوعى بالسعادة والرضا بتطوير الذات

احجز مساحتك الاعلانية

كتبت / فاطمة حسن الجعفرى

من حيث العلم والايمان بكلام الله جل جلاله .
ما من إنسان على وجه الأرض إلا وهو يبحث عن
السعادة ، والرضا ، والاستحقاق والتقدير للذات .
– اولا : الوعى بالسعادة والرضا من خلال الجانب الايمانى والروحى .
والقرآن، كما نعلم كتاب ومنهج لهداية الإنسان إلى الحياة السعيدة ،
فهل تحدث القرآن عن السعادة ؟!
ورد التنويه عن السعادة في موضعين في القرآن من سورة هود :
{يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}
[هود:105]،
والآية الأخرى : {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ}
[هود من الآية:108]،
وتحقيق السعادة في الآخرة متوقف على تحقيق العبودية لله ،
في الدنيا لكن نلاحظ أن الآيات تتحدث عن السعادة
في الجنة والآخرة لكن ماذا عن الدنيا ؟!
أولاً : ماذا تعني السعادة ؟
اختلف قديمًا وحديثًا حول مفهومها بشكل دقيق،
لكنها تدور بين الرضا واللذة والشعور بالمتعة والراحة،
فيمكن أن تقول هي حالة نفسية تجمع بين راحة النفس ولذة الجسد ،
وتختلف وسائل تحقيقها من شخص لآخر .
وفي القرآن الكريم مجموعة من النصائح ،
التي ترشدنا إلى تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة ،
1- في الآية 130 من سورة طه :
{فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ} .
فالله سبحانه يرشد نبيه صلى الله عليه وسلم ،
إلى الصبر والتسبيح بحمد لله تعالى في الأوقات
المذكورة في الآية، ووضح السبب في ذلك فقال لعلك
ترضى، لا حظ قوله لعلك ولم يقل : لعلي أرضى !
وما علاقة الرضا بالسعادة ؟ لا أكون مبالغًة إن قلت
أن أصل السعادة الرضا، بل هي أعلى درجات السعادة،
أن ترضى بما حققت وبما أوتيت وبما ابتليت به،
لذلك حينما تحدث الله على نعمه على رسوله
صلى الله عليه وسلم في سورة الضحى قال :
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} [الضحى:5]،
ولم يقل فتسعد .
ولنا في رسول الله الواعى الاول الأسوة والقدوة الحسنة ،
فإذا أردت أن تحقق الرضا الذي يوصلك حتمًا إلى السعادة ،
فليكن لك ورد في هذه الأوقات للتسبيح بحمد الله
ولا يشغلك عن ذلك أي شاغل،
– لكن كيف أعرف أنني حققت الرضا ؟
قال يحيى بن معاذ أن تقول لربك تبارك وتعالى :
يا رب إن أعطيتني قبلت ،
وإن منعتني رضيت،
وإن تركتني عبدت وإن دعوتني أجبت .
2- الآية 199 من سورة الأعراف :
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}،
ففي هذه الآية منهج قرآني لتحقيق الراحة النفسية والسعادة،
فالعفو عن الناس يزيد مشاعر الحب والألفة والأمر
بالمعروف يجعلك تشعر بأهميتك في الحياة،
وأن لك دور فيها فترضى عن نفسك، والإعراض عن
الجاهلين من أهم الأسباب المسببة للسعادة .
3- التمسك بالقرآن وعدم الإعراض عنه وهجره،
ففي أول سورة طه قال الله تعالى :
{مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ} [طه:2]،
والشقاء عكس السعادة {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} وفي أواخر السورة
قال : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ} [طه:124]،
فكأن الله يريد أن يعلمنا أنه أنزل إلينا هذا القرآن
لنسعد لا لنشقى، ثم إنه سبحانه وضح سبب الضنك
والشقاء بالإعراض عن القرآن الكريم .
إذًا تحقيق السعادة يكون في الرضا والصبر والتسبيح
بحمد الله، والعفو عن الناس والأمر بالمعروف،
والإعراض عن الجاهلين، والآيات كثيرة في القرآن
تتحدث عن السعادة فابحث عنها وتأملها، وحاول أن
تطبق لا أن تكتفي بالقراءة .
– ثانيا : الوعى بالسعادة والرضا بمصالحة ذاتك من خلال تطوير وعيك .
لكي تجد السعادة ، فأنت بحاجة لأن تكون ،
ذاتك لا أن تتظاهر بما ليس فيك ،
إنك في حاجة لأن تتفوه بالحقيقة وتصحح أكاذيبك ،
إنك في حاجة للتوقف عن تمثيل دور الضحية حتى ،
يمكنك الاستمتاع بنجاحك دون شعور بالذنب .
إنك بحاجة لان تكف عن الحياة داخل ذكريات الماضي ،
إنك بحاجة لان تتعلم الصفح وغض الطرف كي تواصل مشوار الحياة ،
لا تعتمد على أي شخص قد يأتي لينقذك ،
ويمنحك الدفعة الكبرى لكي تنطلق ، ويهزم أعداءك ،
ويناصرك ، ويمنحك الدعم اللازم لك ،
ويدرك قيمتك ، ويفتح لك أبواب الحياة .
إنك الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يلعب
دور المنقذ الذي سوف يحرر حياتك من قيودها .
أنا أرى أن النجاح والسعادة الحقيقية يمكن ان
يصنعهما الإنسان وهو فى قبول ذاته والتصالح معها ،
فنحن على مقدرة أن نجالس كبار العلماء والمفكرين ،
إلا أننا لا نستطيع ان نجالس أنفسنا ساعة واحدة ،
النجاح ليس مقرون بمنجزات أو شهادات .
إنما النجاح الحقيقي هو الرضا كل الرضا ، وكل التقدير والاستحقاق لانفسنا ،
إن ربان السفينة الماهر يحب رياح التغيير لأنها ،
تستطيع إيصاله بسرعة لموطنه، أما الآخرون فيفضلون
استخدام المجاديف التقليدية لأنهم يخافون من أن
تقذف الرياح سفينتهم وبالطبع سيصلون بعد فترة طويلة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى